آخبار عاجل

رواية مايا  بقلم: محمد مصطفي الخياط

29 - 08 - 2021 11:53 589

الفصل السادس عشر
("ما بيوحدنا غير المشاعر وكل ما هو إنسانى، غير هيك ما بنتفق ولا بيجمعنا شي")

بيروت، خريف 2017
قررنا ترك السيارة والتمشية على الكورنيش، يكسو الليل بيروت بغلالة حالكة السواد نُثرت فيها نجوم تتلألأ سعادة، أشرت نحو القمر، فنظرت لأعلى، فقلت لها،
-    شوفي !!
ثم سألتها:
-    شايفه إيه ؟
-    هلال !
-    لا !!، مش هلال ؟!، دى ابتسامة كبيرة
ثم أردفت،
-    القمر عم يبتسم إلنا يا مايا، 
ضحكت ملء فمها وتعلقت بذراعى وقالت،
-    سلامتك حبيبى، شكلك تقلت في العشا
بادلتها ضحكًا بضحك وأكملنا مسيرنا على الرصيف المبتل تلفحنا نسمات هواء اختلط فيها يود البحر برائحة ما بعد المطر، نكهة خاصة لا تجدها إلا بعد أن تفرغ السماء كامل دمعها مطرًا فيلفحها الجو بنسيم لطيف.
كنا قد تناولنا عشاءنا في مطعم مشاوي الشام المقابل لكافيتريا Bay Rock على الكورنيش، درت بالسيارة يسارًا، سرنا بمحاذاة البحر حتى ابتعدنا عن الزحام، أطفأت المحرك مقابل فندق كورال بيتش وترجلنا. 
كان مشهدًا بديعًا، عن بعد .. بدا جبل بيروت خيمة غُرِسَ النور في أنحائها، بيوت وأضواء تتراقص أنوارها انسجامًا مع ليل ينتظر العاشقون قمره المنير في سماء رُصعت صفحتها بالنجوم، اصطفت أعمدة الإنارة بطول الكورنيش ساكبة أنوارها الصفراء على البلاط المضلع المندى برذاذ المطر، ينسكب الضوء في أشكال مخروطية، رأسها في المصباح وقاعدتها الرصيف، شبكنا أيدينا ورحنا نتمشى ونتبادل من حين لآخر بضع كلمات تقطعها دندناتها بمقاطع قصيرة من أغنيات خوليو إجلاسيوس وبعضًا مما يخطر ببالها على غير ترتيب.
لليل جلال وللنهار دلال، تمشينا كفًا بكف تُنعشنا نسمات الهواء المشبع برطوبة المطر ويود البحر، مزيجٌ فريد أُحكمت نسبه ومقاديره بما يناسب ضخ روح التفاؤل في النفوس المتعبة المنهكة إحباطًا، القلقة من غد تأمل ألا يضن عليها بفرحة، ألا يُزيد آلامها، ليست الأحزان هى ما يقلقنا بل خوفنا من الغد هو ما يرفع توترنا فنفقد الحاضر والمستقبل معًا.
يا لمساءات بيروت وخصوصيتها، يزدحم الكورنيش صيفًا ويقل زواره شتاءً، ويظل الثابت فيه عشاق ينثرهم الحب على طول الرصيف، البعض على المقاعد الحجرية وآخرين أرادوا أن يكونوا أقرب للبحر، فجلسوا قبالته على السور الفاصل بينه وبين الكورنيش، اكتشفت بعد هذه السنوات الطوال من الإقامة في بيروت ندرة نزولى الكورنيش ليلاً، اكتفيت بجلسات الأصدقاء في بعض صباحات أيام العمل والمداومة في العطل الأسبوعية والرسمية، كثيرًا ما نكتشف سذاجتنا وسهولة أن تخدعنا الأيام وتسرقنا في غفلة؛ نقع في فخ النسيان لنكتشف، إثر أمر عارض، كم فاتنا وكم ضاع منا فنلهث قدر ما نستطيع من جهد في محاولات يائسة للتعويض.
لاحظت توترها؛ البادى في عدها على أصابعها وتمتمات شفتيها خلال العشاء وفى السيارة، بدت كتابًا مفتوحًا نزع غلافه، تقرأه بسهولة ويسر مُقلبًا صفحاته ومُتنقلاً بين فصوله، مع هذا لم أرغب في إحراجها بكشف قلقها، من خلال معرفتى بها، يزيد توترها عندما تعرف أن هناك من يراقبها ويعرف أسرارها، تحاول أن تدارى وتخفى ما بها من اضطراب وصراعات تعتمل في صدرها فيصبح القلق مضاعفًا، قلقها الأساسى الناشيء عما يعتمل بداخلها لسبب أو لآخر، ومحاولاتها الفاشلة، عادة، لإخفائه، لذا فضلت إبعاد عينيّ عن محيط أصابعها التى ما كفت تعد عليها وشفتيها اللتين تتمتمان فلا يُسمع ما تقولان.
كانت ترتدى بلوزة خفيفة وردية اللون لا تكفى لمواجهة برودة ليل نوفمبر وريح تهب من حين لآخر، تشاغب شعرها ولا تُبقيه على حال، قبضت مشبك شعرها بشفتيها وراحت تبرم شعرها وتلفه في دائرة كبيرة خلف رأسها ثبتتها بالمشبك ثانية.
تخف حدة البرد نهارًا ويهبط بثقله متى غابت الشمس، طلبًا للدفء حَكْت ساعديها بكفيها وهى تقول،
-    برد كتير
سألتها إن كانت تحب العودة إلى السيارة بدلاً من السير، فرفضت وعقبت،
-    عندى شو كتير رغبة أتمشى وأحكى معك ها الحين
تسربت البرودة من أصابعها إلى أصابعى، خلعت سترتى ووضعتها عليها غير مكترث برفضها وصرنا نضحك بعد ما اظهرت السترة مدى نحافتها وامتلائي، أكملنا سيرنا لمسافة ليست بالقليلة، كان المشهد رائعا فتمشينا في جلاله شبه صامتين، ثم عدنا نحمل أكواب القهوة الساخنة تنبعث منها رائحة البن الذكية. 
كعادتها؛ أحاطت كوبها بكفيها وراحت ترفعه بهدوء لترشف منه رشفات سريعة تتبعها بمسح شفتها العليا بطرف لسانها الصغير ثم ضم الشفتين إلى بعضهما البعض، تنطلق جرعات كافيين القهوة إلى خلايا المخ مباشرة فتستفزه، دندنت (شايف البحر شو كبير كبر البحر بحبك)، عقبت ضاحكا، 
-    وينها فيروز تسمعك ؟
قالت وهي تضحك،
-    كانت بتفل من صوتى ؟!!
ضحكنا، ثم عقبت متسائلاً،
-     تفتكرى كام عاشق مر من هون و غنى نفس الغِنية
-    إشى ملايين 
-    أشكرى الأخوين رحبانى وفيروز 
-    على إيش
-    أنهم وحدوا العشاق
ضَحِكَتْ ورشفت من كوبها الورقى بضع رشفات، فأردَفْتُ،
-    ما بيوحدنا غير المشاعر وكل ما هو إنسانى، غير هيك ما بنتفق ولا بيجمعنا شي
ضحكت مرة أخرى وقالت،
-    دخيلك قلبتها سياسة، اتعديت مِنك
فقلت مبتسمًا،
-    شكلى أخدت برد سياسى
ثم ضحكنا معًا واتجهنا صوب السيارة، ما إن جلسنا حتى أدارت المكيف ورفعت درجة حرارته بحثًا عن مزيد من دفء، فقلت،
-    ما كان ليكى تتمشى ع الكورنيش، لبسك خفيف
عقبت وهى تحك ذراعيها وساقيها بكفيها بعد ما خَلَعتْ سترتى،
-    الفرص ما بتتكرر، البحر موجود من ملايين السنين، والكورنيش تبعه ما بعرف من قديش، لكن نحنا ما بيلبق لينا نتلاقى ونتمشى عليه كل وقت
قلت ضاحكًا،
-    فلسفة يلزمها قرصين ضد البرد والرشح
فضحكت وقالت بأسى،
-    بسيطة، بس تيجى على هيك
-    .......
كانت الساعة تقترب من التاسعة والنصف ليلاً، سألتها إن كانت ترغب في الذهاب لمكان آخر أو توصيلها إلى منزلها، فقالت بصوت كله جدية،
-    بدى احكى معك
أجبتها ضاحكًا،
-    صحيح نسينا نحكى، خدنا العشا والمشى ع الكورنيش !!
-    لا ؟!
-    ...
-    ما خدنا، بدى أحكى معك وكلك تركيز
-    أنا معك، لوين بتريدى نفل
-    ع بيتك
-    حالاً
-    ...

قدت السيارة تجاه بيتى، كانت حركة السير متوسطة فوصلنا في نحو عشر دقائق وقد عاودتها حركة يديها العفوية، تعد على أصابعها وترسم بأصابعها أشكالاً دائرية تتحرك معها شفتاها، أدرت المدفأة بينما اتجهت هى إلى المطبخ لإعداد الشاى، بعد قليل جاءت تحمل الصينية، وضعتها وجلست قُبالتى، وسألتني،
-    ممكن أعرف موقعى من قلبك ؟
نظرت في عينيها وقلت متعمدًا مشاغبتها،
-    فى الرياضيات سهل تحددى المكان لما يكون فيه مسافة بين نقطتين، فإذا انطبقا صارت المسافة ... ؟
نظرت في عينيها مستفهما، نظرت نحوى بضيق، ثم وضعت فنجان قهوتها وأمسكت برأسى بين كفيها الطريين وسألتنى،
-    ما بدى فلسفة ولا رياضيات، خبرنى إيش بتكون المسافة إذا انطبقا ؟
فأجبتها وأنا أضحك،
-    بتكون صفر
-    ....
كم كنت صادقًا في هذه اللحظة، كانت في القلب، في المركز، حيث لا مسافات ولا زمن. وعندما لاحظت توترها البادى، بادرتها مستفهمًا،
-    إيه شاغلك ؟
-    يا ترى بتفهمنى صح ؟
-    أكيد!!
-    تنكر إنى أحبك ؟
قلت ضاحكًا وقد رفعت كفى قبالة وجهى، كما يفعل الشهود في المحكمة حين يطلب منهم القاضى تلاوة القَسَم،
-    وأقسم على ذلك !! 
-    تعرف، غريبة هاى الدنى !!
-    ليش ؟
-    ناس نعيش معهن وما يعلقوا حتى بهوامش الذاكرة، وناس نمرق عليهن ما ينمحوا م الذاكرة
-    الفلسفة الليلة آخدة حقها
-    مو فلسفة !
-    طب قوليلى، من أى نوع أنا ؟
-    إنت حالة خاصة، من ناحية الذاكرة من اللى بنمرق عليهن، من حيث الحياة من اللى بنعيش معهن
-    ههههه
-    تعرف ليش طلبت أحكى معك ؟
-    لا!
-    اتصلت ع إيلى اليوم !!
-    ... 
ما إن نطقت باسم زوجها حتى رفعت رأسى وضيقت عيناى اهتمامًا وتركيزًا، في العادة لا تذكر اسمه أمامى وكأن وجود أحدنا يلغى الآخر، فيا ترى ما السبب.
لم تطل حيرتى، ألقت الخبر الصاعقة، اتصلت بزوجها وأخبرته رغبتها في الانفصال متمنية أن يكون لديه نفس الرغبة، أُخذ الرجل ولم يدر بما يجيب، ألح عليها مستفسرًا عن السبب، لكنها لم تحر جوابًا، حاول أن يدفعها للحديث، فالتزمت الصمت.
يعلم أنهما على خلاف لكنه لم يتصور أن ينفصلا، كان يمنى نفسه بأن تتكفل الأيام بمداوة الجراح، فينسى هذا وتنسى تلك وتعود الأمور إلى طبيعتها ولو بشكل مؤقت، هكذا تصور، واعتقد أنها أيضًا كانت تشاركه ذات الاعتقاد؛ كم مرة اختلفا وعادا إلى بعضهما البعض دون أن تؤثر خلافاتهما على مستقبل حياتهما الزوجية؛ بل ربما عادا أشد قربًا عن ذى قبل.
بدت هذه المرة مختلفة، سافر زوجها والعلاقة بينهما في أدنى مستوياتها، زادها ألم البعاد تردى وبرود، حتى جاءت زيارتها لأبو ظبى ومقابلته مع امرأة أخرى، أوحى انسجامهما تخطى العلاقة المشتركة سور الصداقة بين رجل وامرأة إلى مساحات أقرب إلى الزوجة أو العشيقة، ناهيك عن سفرها دون إخطاره وكأنها تتحاشى مقابلته.
منذ ذلك اليوم وصدرها يغلى بآتون عذابات المراحل الرمادية التى نمر بها في حياتنا فتخنقنا ضبابيتها وغياب تفاصيلها وتعطل أدوات التوقع معها، تقف عزلاء أمام مستقبل يشحذ أسلحته ليل نهار، أرادت الخروج من سجنها الذهنى ولو تسبب ذلك في مزيد من الجراح والآلام، كانت مشتتة بين بياناتها الرسمية في بطاقة هويتها وواقعها الأليم، كمسيحية تنتمى لطائفة المـَلكيين يلزمها طلاق مدنى، تجهل تفاصيله، وإن بدا غريبًا في طائفتها المحدودة العدد، التى تنتمى لها بحكم الميلاد والهوية وليس ممارسة الشعائر.
كان مستوى توترها قد ارتفع وأنا اسمع منها دون أن أعى بماذا أرد؛ هل أؤيد رغبتها في الانفصال، أم أطلب منها التريث، لكل منهما تبعات غير مأمونة العواقب، وقفت على حافة الحيرة والهلاك. 
لم أدر كيف أُجيبها؛ أأشجعها على الانفصال حتى نتزوج ونكمل حياتنا معا جنبًا إلى جنب، أم أطلب منها التريث والحفاظ على بيتها، كأننى، وبشكل غير مباشر، اعتذر لها عن عدم رغبتى الاستمرار معها، كان الموقف مفاجئًا ولم أكن قد فكرت في مواجهته، لم يخطر على بالى، ولم توح هي بنيتها في ذلك.
يا لهذه المرأة المتقلبة دون سابق إنذار، صار لنا أكثر من عامين اقتربنا فيهما أشد ما يكون الاقتراب ولم أعرف من أين تُقلع عواصفها وأين تسكن، ولا أبالغ أنى كلما اقتربت منها ازداد إحساسى بالبعد عنها، ناهيك عن مراجل التأنيب النفسي التى لا تعرف الكلل ولا الهدوء، عذابات أعيشها ولا أعرف كيف أوقفها أو أخرج منها.
كم عاهدت نفسى على وضع حد لعلاقتنا، أقسمت مرارًا ألا اتصل بها، وابتهلت إلى الله في صلواتى أن يصرفها عنى، وتمتمت خلف سيدنا يوسف (إِلا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ)، ودعوت الله أن يجعلها ذكرى بعيدة اجترها من حين لآخر مع نصف ابتسامة دون آلام؛ كما أتذكر ريم وجيهان وغادة، تمنيتها حُلمًا عشته نائمًا وغادرته يقظانًا، أو أمنية مثل ملايين الأمانى التى ما تحققت، لكن شيئا من هذا لم يحدث، فصِرتُ أعجن خُبزى بدمعى وألقيه في فرن صدرى المشتعل بحرائقنا، اغسل بدموع خطيئتى صفحة وجهى فيفيض البحر وتشرب المُزن حتى تئن من ثقلها وتتجشأ، أتوضأ من نهر دمعى فإذا ما عز تيممت بألمى، كانت واقعًا يفرض نفسه وشرنقًة لا أعرف كيف أغادرها.
أفقت من شرودى حائرًا لا أعرف  كيف أجيبها على طلبها الانفصال عن زوجها، عجزت عن الرد عليها، ظللت برهة ساكنًا مشدوهًا حتى وجدتنى أسألها بعفوية،
-    لِمَ لمْ تتشاوري معى قبل مفاتحته في الأمر، لم اتخذت القرار مباشرة، ألم يكن من الأفضل أن تنتظري إيلي حتى يرجع وتتناقشي معه ؟.
فأجابت بصوت محايد مسلوب الإرادة
-    وهيك طلب إيلي ..
تنفست الصُعداء وأغمضت عيناي ارتياحًا لرد فعل إيلى، بينما راحت تنظر إلىّْ بعينين زائغتين تستفهم أكثر مما تبحث عن إجابات لأسئلتى، غامت عيناها بالدمع وانحدرت تجرى على خديها، مسحتهما بكفى فدست وجهها في صدرى وراحت في نشيج اهتز له بدنها، ربت على كتفيها ووجنتيها ومسحت على شعرها وقبلت عينيها حتى هدأت، ثم طلبت منها أن تغسل وجهها وتستعد لأوصلها إلى بيتها، كانت الساعة قد تجاوزت الحادية عشر بقليل، ارتديت سترتى فداهمتنى رائحتها، أحسستها تحتوينى بذراعيها كما لم تحتوينى من قبل، تنفست عطرها الشهوانى المعتق وكريمات بشرتها وزيت شعرها المصنوع من نبات الأرجان النادر، خليط فريد يحمل بصمتها الخاصة مخلوطًا بعرقها، على خلاف العادة أحسستها أقرب ما تكون إلىّْ. هبطنا المصعد سويًا وقد مالت برأسها على صدرى، فيما احاطت وجهها بكوفية صوفية عريضة أحضرتها من خزانة ملابسي.
مرت علىّْ الأيام التالية ثقيلة بطيئة عذابات الوقوف في المنطقة الرمادية في علاقتنا تُصليني نارًا، تقصف رأسي بأسئلة ليس لها إجابات؛ عامان وأكثر ونحن على هذا الحال، ماذا عن مستقبلنا، هل تستمر علاقتنا على هذه الوتيرة، تمزقى وعذاباتى النفسية بين طهرى الظاهرى ودنسى الباطنى، كيف أجلس صباحًا بين الحاج سعيد والرفاق نقرأ القرآن ونصلى، وفى المساء ألتقى بمايا فيكون ما يكون ؟!، يا إلهى، إننى أتعذب، في البعد وفى القرب عذابات شتى.
أحيانًا لا أستطيع الجلوس مع شلة الكورنيش، أشعر أننى منبوذ، وأنهم لو عرفوا حقيقتى لطردونى، يستفزنى هذا الإحساس من جلستى، أقاوم، أقاوم لأبقى، أقاوم لأغير ما ترديت إليه. أعقد العزم على فراقها، ثم لا ألبث أتركهم حتى أبحث عنها، حينًا مجذوبًا لها، وحينًا شفقة عليها بعد ما اشتدت عليها آلام خواء نفسى
بدت غريبة الأطوار في تلك الشهور عن ذى قبل، شاردة الفكر دائمًا، تعد على أصابعها وترسم أشكالاً في الفراغ. اعتاد زملاؤها هيئتها هذه، فسروها اندماجًا في العمل، فصاروا يعرفون بها مستوى انشغالها، فلا يخرجونها من شرنقتها الوهمية إلا لضرورة، ينبهونها بطرق خفيف على الباب أو المكتب، فإذا ما انتبهت إليهم ابتسمت وابتسموا، لكن شرودها زاد فلا تعود منه إلا باكية دونما سبب معروف، حتى يحسبها من لا يعرفها أن بها مَسًا من جنون، ما إن أراها على هذه الحال حتى ازداد قربًا منها ولا أستطيع فراقها. 
من هنا كان الأصعب في عدم قدرتى على رسم المستقبل، لا في حال استمرار الوضع مع زوجها على ما هو عليه، ولا حال انفصلا، هل نكمل حياتنا معًا بشكل طبيعى، أم ...، توقفت أمام الاحتمال الأصعب ولم أكمل حتى بينى وبين نفسى، على الرغم من أنها لم تفتح معى هذا الموضوع ثانية، ولا أنا سألتها عنه بعد ذلك.

إلى لقاء في فصل جديد
 



شبكة Gulf 24 منصة إعلامية متميزة تغطى أخبار دول مجلس التعاون الخليجي والوطن العربي والعالم تضم بين صفحاتها الرقمية وأبوابها المتنوعة كل ما تحتاجه لتصبح قريباً من ميدان الحدث حيث نوافيك على مدار الساعة بالخبر والتحليل ونسعى أن نصبح نافذتك إلاخبارية التى تمنحك رؤية راصدة تجعل العالم بين يديك ومهما كانت افكارك واهتماماتك. سواء في حقل السياسية، الاقتصاد، الثقافة

جميع الحقوق محفوظه لشبكه Gulf 24 الاخبارية

Gulf 24 © Copyright 2018, All Rights Reserved